كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



وَقَالَ ابْنُ حَجّ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَلَوْ تَيَقَّنَ النَّجَاسَةَ وَشَكَّ أَهِيَ مُخَفَّفَةٌ أَوْ مُتَوَسِّطَةٌ أَوْ مُغَلَّظَةٌ فَمَا الَّذِي يَأْخُذُ بِهِ وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ الثَّانِي أَيْ حَمْلًا عَلَى الْأَغْلَبِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: مُعَلِّلًا إلَخْ) حَالٌ مِنْ فَاعِلِ النَّهْيِ إلَخْ الْمَحْذُوفِ وَقَوْلُهُ الدَّالُّ إلَخْ نَعْتٌ لِقَوْلِهِ بِأَنَّهُ لَا يَدْرِي إلَخْ؛ لِأَنَّهُ فِي قُوَّةِ بِهَذَا التَّعْلِيلِ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَالْأَمْرُ بِذَلِكَ إنَّمَا هُوَ لِأَجْلِ تَوَهُّمِ النَّجَاسَةِ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا أَصْحَابَ أَعْمَالٍ، وَيَسْتَنْجُونَ بِالْأَحْجَارِ، وَإِذَا نَامُوا جَالَتْ أَيْدِيهِمْ فَرُبَّمَا وَقَعَتْ عَلَى مَحَلِّ النَّجْوِ فَإِذَا صَادَفَتْ مَاءً قَلِيلًا نَجَّسَتْهُ فَهَذَا مَحْمَلُ الْحَدِيثِ لَا مُجَرَّدُ النَّوْمِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ لَمْ يَنَمْ وَاحْتَمَلَ نَجَاسَةَ يَدِهِ فَهُوَ فِي مَعْنَى النَّائِمِ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِهِمْ. اهـ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الشَّارِعَ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ هَذَا وَاضِحٌ حَيْثُ لَمْ يُعَلِّلْهُ وَهُنَا قَدْ عَلَّلَهُ بِمَا يَقْتَضِي الِاكْتِفَاءَ بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ وَهُوَ قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي إلَخْ سم وَبُجَيْرِمِيٌّ.
(قَوْلُهُ: إذَا غَيَّا حُكْمًا إلَخْ) وَالْحُكْمُ هُنَا كَرَاهَةُ الْغَمْسِ وَالْغَايَةُ الْغُسْلُ ثَلَاثًا.
(قَوْلُهُ فَإِنَّمَا يُخْرَجُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ بُجَيْرِمِيٌّ، وَيَجُوزُ بِنَاؤُهُ لِلْفَاعِلِ بِرُجُوعِ الضَّمِيرِ إلَى الْمُكَلَّفِ الْمَعْلُومِ مِنْ الْمَقَامِ.
(قَوْلُهُ اسْتِشْكَالُ هَذَا) أَيْ عَدَمُ زَوَالِ الْكَرَاهَةِ بِمَرَّةٍ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الشَّارِعَ إذَا غَيَّا إلَخْ.
(قَوْلُهُ بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي أَيْضًا.
(قَوْلُهُ: أَنَّ مَحَلَّ هَذَا) أَيْ عَدَمِ الْكَرَاهَةِ عِنْدَ تَيَقُّنِ الطَّهَارَةِ ابْتِدَاءً.
(قَوْلُهُ: دُونَ ثَلَاثٍ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ كُرِهَ غَمْسُهُمَا قَبْلَ إكْمَالِ الثَّلَاثِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: بَقِيَتْ الْكَرَاهَةُ) يَنْبَغِي إلَى تَكْمِيلِ مَا مَضَى ثَلَاثًا سم وَتَقَدَّمَ آنِفًا عَنْ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي الْجَزْمُ بِذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: وَهَذِهِ الثَّلَاثُ هِيَ الثَّلَاثُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ بَلْ هِيَ غَيْرُهَا، وَأَنَّ هُنَا سُنَّتَيْنِ إحْدَاهُمَا الْغَسْلُ ثَلَاثًا لِلْوُضُوءِ وَالثَّانِيَةُ الْغَسْلُ ثَلَاثًا لِلشَّكِّ لِلنَّجَاسَةِ فَهُمَا، وَإِنْ حَصَلَا بِغُسْلٍ وَاحِدٍ ثَلَاثًا لَكِنْ الْأَفْضَلُ تَعَدُّدُ ذَلِكَ الْغُسْلِ وَأَتَوَهَّمُ أَنَّ بَعْضَهُمْ ذَكَرَ ذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ. اهـ. سم وَفِي ع ش وَحَاشِيَةِ شَيْخِنَا مَا يُوَافِقُهُ بِلَا عَزْوٍ وَقَالَ الْكُرْدِيُّ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ: هِيَ الثَّلَاثُ أَوَّلَ الْوُضُوءِ زَادَ فِي الْإِيعَابِ فَلَيْسَتْ غَيْرُهَا حَتَّى تَكُونَ سِتًّا عِنْدَ الشَّكِّ ثَلَاثًا لِلْوُضُوءِ وَثَلَاثًا لِلْإِدْخَالِ خِلَافًا لِمَنْ غَلِطَ فِيهِ. اهـ.
وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْقَلْبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(قَوْلُهُ: فِيمَا مَرَّ) أَيْ فِي الْإِنَاءِ الَّذِي فِيهِ مَائِعٌ إلَخْ وَقَوْلُ الْكُرْدِيِّ، وَهُوَ قَوْلُهُ: بِأَنْ تَرَدَّدَ فِيهِ يَرُدُّهُ لُزُومُ تَكَرُّرِهِ حِينَئِذٍ مَعَ قَوْلِ الشَّارِحِ فِي حَالَةِ التَّرَدُّدِ.
(وَ) بَعْدَ غَسْلِ الْكَفَّيْنِ تُسَنُّ (الْمَضْمَضَةُ وَ) بَعْدَ الْمَضْمَضَةِ كَمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ: الْآتِي ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ يُسَنُّ (الِاسْتِنْشَاقُ) لِلِاتِّبَاعِ وَلَمْ يَجِبَا لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: «لَا تَتِمُّ صَلَاةُ أَحَدِكُمْ حَتَّى يُسْبِغَ الْوُضُوءَ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ فَيَغْسِلَ وَجْهَهُ، وَيَدَيْهِ، وَيَمْسَحَ رَأْسَهُ، وَيَغْسِلَ رِجْلَيْهِ» وَخَبَرُ: «تَمَضْمَضُوا وَاسْتَنْشِقُوا» ضَعِيفٌ وَحِكْمَتُهُمَا مَعْرِفَةُ أَوْصَافِ الْمَاءِ (وَالْأَظْهَرُ أَنَّ فَصْلَهُمَا أَفْضَلُ) مِنْ جَمْعِهِمَا لِخَبَرٍ فِيهِ (ثُمَّ) عَلَى هَذَا (الْأَصَحُّ) أَنَّ الْأَفْضَلَ أَنَّهُ (يَتَمَضْمَضُ بِغُرْفَةٍ ثَلَاثًا ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ بِأُخْرَى ثَلَاثًا) حَتَّى لَا يَنْتَقِلَ عَنْ عُضْوٍ إلَّا بَعْدَ كَمَالِ طُهْرِهِ وَمُقَابِلُهُ ثَلَاثٌ لِكُلٍّ مُتَوَالِيَةٌ أَوْ مُتَفَرِّقَةٌ؛ لِأَنَّهُ أَنْظَفُ وَأَفَادَتْ ثُمَّ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ التَّرْتِيبَ هُنَا مُسْتَحَقٌّ عَلَى كُلِّ قَوْلٍ لَا مُسْتَحَبٌّ لِاخْتِلَافِ الْمَحَلِّ كَسَائِرِ الْأَعْضَاءِ فَمَتَى قَدَّمَ شَيْئًا عَلَى مَحَلِّهِ كَأَنْ اقْتَصَرَ عَلَى الِاسْتِنْشَاقِ لَغَا وَاعْتَدَّ بِمَا وَقَعَ بَعْدَهُ فِي مَحَلِّهِ مِنْ غَسْلِ الْكَفَّيْنِ فَالْمَضْمَضَةُ فَالِاسْتِنْشَاقُ؛ لِأَنَّ اللَّاغِيَ كَالْمَعْدُومِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الْعَفْوِ عَنْ الدِّيَةِ ابْتِدَاءً فَلَهُ الْعَفْوُ بَعْدَهُ عَنْ الْقَوَدِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ عَفْوَهُ الْأَوَّلَ لَمَّا وَقَعَ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ كَانَ بِمَنْزِلَةِ الْمَعْدُومِ فَجَازَ لَهُ الْعَفْوُ عَنْ الْقَوَدِ عَلَيْهَا، فَإِنْ قُلْت قِيَاسُ مَا يَأْتِي أَنَّهُ لَوْ أَتَى بِالتَّعَوُّذِ قَبْلَ دُعَاءِ الِافْتِتَاحِ اعْتَدَّ بِالتَّعَوُّذِ وَفَاتَ دُعَاءُ الِافْتِتَاحِ الِاعْتِدَادُ بِالِاسْتِنْشَاقِ فِيمَا ذُكِرَ وَفَوَاتُ مَا قَبْلَهُ قُلْت يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْقَصْدَ بِدُعَاءِ الِافْتِتَاحِ أَنْ يَقَعَ الِافْتِتَاحُ بِهِ وَلَا يَتَقَدَّمُهُ غَيْرُهُ وَبِالْبُدَاءَةِ بِالتَّعَوُّذِ فَإِنَّ ذَلِكَ لِتَعَذُّرِ الرُّجُوعِ إلَيْهِ وَالْقَصْدُ بِالتَّعَوُّذِ أَنْ تَلِيَهُ الْقِرَاءَةُ وَقَدْ وُجِدَ ذَلِكَ فَاعْتُدَّ بِهِ لِوُقُوعِهِ فِي مَحَلِّهِ.
وَمَا نَحْنُ فِيهِ لَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ كُلَّ عُضْوٍ مِنْ الْأَعْضَاءِ الثَّلَاثَةِ الْمَقْصُودُ مِنْهُ بِالذَّاتِ تَطْهِيرُهُ وَبِالْعَرْضَلِ وُقُوعُهُ فِي مَحَلِّهِ وَبِالِابْتِدَاءِ بِالِاسْتِنْشَاقِ فَاتَ هَذَا الثَّانِي فَوَقَعَ لَغْوًا وَحِينَئِذٍ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا فَسُنَّ لَهُ غَسْلُ الْيَدَيْنِ فَالْمَضْمَضَةُ فَالِاسْتِنْشَاقُ لِيُوجَدَ الْمَقْصُودُ مِنْ التَّطْهِيرِ وَوُقُوعِ كُلٍّ فِي مَحَلِّهِ إذْ لَمْ يُوجَدْ مَانِعٌ مِنْ ذَلِكَ فَتَأَمَّلْهُ، وَيَأْتِي فِي تَقْدِيمِ الْأُذُنَيْنِ عَلَى مَحَلِّهِمَا مَا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ وَقُدِّمَتْ لِشَرَفِ مَنَافِعِ الْفَمِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ قِوَامِ الْبَدَنِ أَكْلًا وَنَحْوَهُ وَالرُّوحِ ذِكْرًا وَنَحْوَهُ وَأَقَلُّهُمَا وُصُولُ الْمَاءِ لِلْفَمِ وَالْأَنْفِ وَأَكْمَلُهُمَا أَنْ يُبَالِغَ فِي ذَلِكَ كَمَا قَالَ (وَيُبَالِغَ فِيهِمَا غَيْرُ) بِرَفْعِهِ فَاعِلًا وَنَصْبِهِ اسْتِثْنَاءً أَوْ حَالًا مِنْ ضَمِيرِ الْمُتَوَضِّئِ الدَّالِّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ (الصَّائِمِ) لِأَمْرٍ بِذَلِكَ فِي الْخَبَرِ الصَّحِيحِ بِأَنْ يَبْلُغَ الْمَاءُ إلَى أَقْصَى الْحَنَكِ وَوَجْهَيْ الْأَسْنَانِ وَاللِّثَاتِ وَيُسَنُّ إمْرَارُ الْأُصْبُعِ الْيُسْرَى عَلَيْهَا وَمَجُّ الْمَاءِ، وَيُصْعِدُ الْمَاءَ بِنَفَسِهِ إلَى خَيْشُومِهِ مَعَ إدْخَالِ خِنْصَرِ يُسْرَاهُ وَإِزَالَةِ مَا فِيهِ مِنْ أَذًى وَلَا يُسْتَقْصَى فِيهِ فَإِنَّهُ يَصِيرُ سَعُوطًا لَا اسْتِنْشَاقًا أَيْ كَامِلًا وَإِلَّا فَقَدْ حَصَلَ بِهِ أَقَلُّهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي بَيَانِ أَقَلِّهِ أَمَّا الصَّائِمُ فَلَا يُبَالِغُ كَذَلِكَ خَشْيَةَ السَّبْقِ إلَى الْحَلْقِ أَوْ الدِّمَاغِ فَيُفْطِرُ وَمِنْ ثَمَّ كُرِهَتْ لَهُ.
وَإِنَّمَا حُرِّمَتْ الْقُبْلَةُ الْمُحَرِّكَةُ لِلشَّهْوَةِ؛ لِأَنَّ أَصْلَهَا غَيْرُ مَنْدُوبٍ مَعَ أَنَّ قَلِيلَهَا يَدْعُو لِكَثِيرِهَا وَالْإِنْزَالُ الْمُتَوَلِّدُ مِنْهَا لَا حِيلَةَ فِي دَفْعِهِ وَهُنَا يُمْكِنُهُ مَجُّ الْمَاءِ (قُلْت الْأَظْهَرُ تَفْضِيلُ الْجَمْعِ) بَيْنَهُمَا لِصِحَّةِ أَحَادِيثِهِ عَلَى الْفَصْلِ لِعَدَمِ صِحَّةِ حَدِيثِهِ وَالْأَفْضَلُ عَلَى الْجَمْعِ كَوْنُهُ (بِثَلَاثِ غُرَفٍ يَتَمَضْمَضُ مِنْ كُلٍّ ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ) مِنْ كُلٍّ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِوُرُودِ التَّصْرِيحِ بِهِ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَقِيلَ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِغُرْفَةٍ وَاحِدَةٍ وَعَلَيْهِ قِيلَ يَتَمَضْمَضُ ثَلَاثًا وَلَاءً ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ ثَلَاثًا وَلَاءً وَقِيلَ يَتَمَضْمَضُ ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ ثُمَّ ثَانِيَةً كَذَلِكَ ثُمَّ ثَالِثَةً كَذَلِكَ وَالْكُلُّ مُجْزِئٌ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْأَفْضَلِ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ)، فَإِنْ قِيلَ أَمْرُ اللَّهِ لَا يَنْحَصِرُ فِي الْقُرْآنِ قُلْنَا سِيَاقُ الْحَدِيثِ لِإِحَالَتِهِمْ عَلَى أَمْرٍ مَعْلُومٍ وَذَلِكَ لَيْسَ إلَّا الْقُرْآنُ بِخِلَافِ السُّنَّةِ فَإِنَّهَا لَا تُعْلَمُ إلَّا مِنْهُ.
وَلَمْ يُنَبِّهْنَا فَلَوْ أُرِيدَ أَمْرُ اللَّهِ وَلَوْ فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ لَكَانَتْ الْحَوَالَةُ عَلَى مَجْهُولٍ وَلَمْ تُفِدْ شَيْئًا فَتَأَمَّلْهُ بِلُطْفٍ تُدْرِكُهُ.
(قَوْلُهُ: مَعْرِفَةَ أَوْصَافِ الْمَاءِ) هَذَا قَدْ يُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ وَجَدَ فِي الْمَاءِ وَصْفَ النَّجَاسَةِ الْمُخْتَصَّ بِهَا وَلَمْ يَعْلَمْ وُقُوعَهَا فِيهِ حُكِمَ بِنَجَاسَتِهِ.
(قَوْلُهُ وَأَفَادَتْ ثُمَّ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ إنَّمَا أَفَادَتْ أَفْضَلِيَّةَ التَّرْتِيبِ.
(قَوْلُهُ: لَغَا) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ أَرَادَ ابْتِدَاءً تَرْكَ الْمَضْمَضَةِ وَالِاقْتِصَارَ عَلَى الِاسْتِنْشَاقِ وَهُوَ قَضِيَّةُ أَنَّ التَّرْتِيبَ مُسْتَحَقٌّ.
(قَوْلُهُ: أَوْ حَالًا) أَيْ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ تَعَرُّفِهَا هُنَا بِالْإِضَافَةِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْمَضْمَضَةُ) مَأْخُوذٌ مِنْ الْمَضِّ، وَهُوَ وَضْعُ الْمَاءِ فِي الْفَمِ وَلَوْ تَعَدَّدَ الْفَمُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ مَا فِي تَعَدُّدِ الْوَجْهِ، فَإِنْ كَانَا أَصْلِيَّيْنِ تَمَضْمَضَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَصْلِيًّا وَالْآخَرُ زَائِدًا وَتَمَيَّزَ الْأَصْلِيُّ مِنْ الزَّائِدِ وَلَمْ يُسَامِتْ فَالْعِبْرَةُ بِالْأَصْلِيِّ دُونَ الزَّائِدِ، وَإِنْ اشْتَبَهَ الْأَصْلِيُّ بِالزَّائِدِ تَمَضْمَضَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا وَكَذَا إنْ تَمَيَّزَ لَكِنْ سَامَتَ وَقَوْلُهُ وَالِاسْتِنْشَاقُ مَأْخُوذٌ مِنْ النَّشْقِ، وَهُوَ شَمُّ الْمَاءِ، وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ الْمَضْمَضَةِ؛ لِأَنَّ أَبَا ثَوْرٍ مِنْ أَئِمَّتِنَا قَالَ بِوُجُوبِ الِاسْتِنْشَاقِ دُونَ الْمَضْمَضَةِ وَهُمَا وَاجِبَانِ عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَمَحَلُّ الْمَضْمَضَةِ أَفْضَلُ مِنْ مَحَلِّ الِاسْتِنْشَاقِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الذِّكْرِ وَالْقِرَاءَةِ وَنَحْوِهِمَا شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ لِلْحَدِيثِ إلَخْ) دَلِيلٌ لِنَفْيِ الْوُجُوبِ.
(قَوْلُهُ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} الْآيَةَ ع ش وَسَمِّ.
(قَوْلُهُ: وَحِكْمَتُهُمَا) إلَخْ أَيْ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ أَيْ حِكْمَةُ تَقْدِيمِهِمَا نِهَايَةٌ عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالدَّمِيرِيِّ وَمِنْ فَوَائِدِ غَسْلِ الْيَدَيْنِ وَالْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ أَوَّلًا مَعْرِفَةُ أَوْصَافِهِ، وَهِيَ اللَّوْنُ وَالطَّعْمُ وَالرَّائِحَةُ هَلْ تَغَيَّرَتْ أَوْ لَا. اهـ. زَادَ شَيْخُنَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ شُرِعَ غَسْلُ الْكَفَّيْنِ لِلْأَكْلِ مِنْ مَوَائِدِ الْجَنَّةِ وَالْمَضْمَضَةُ لِكَلَامِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَالِاسْتِنْشَاقُ لِشَمِّ رَوَائِحِ الْجَنَّةِ وَغَسْلُ الْوَجْهِ لِلنَّظَرِ إلَى وَجْهِ اللَّهِ الْكَرِيمِ وَغَسْلُ الْيَدَيْنِ لِلُبْسِ السِّوَارِ فِي الْجَنَّةِ وَمَسْحُ الرَّأْسِ لِلُبْسِ التَّاجِ وَالْإِكْلِيلِ فِيهَا وَمَسْحُ الْأُذُنَيْنِ لِسَمَاعِ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى وَغَسْلُ الرِّجْلَيْنِ لِلْمَشْيِ فِي الْجَنَّةِ انْتَهَى. اهـ.
(قَوْلُهُ: مَعْرِفَةُ أَوْصَافِ الْمَاءِ) هَذَا قَدْ يُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ وُجِدَ فِي الْمَاءِ وَصْفُ النَّجَاسَةِ الْمُخْتَصُّ بِهَا وَلَمْ يَعْلَمْ وُقُوعَهَا فِيهِ حُكِمَ بِنَجَاسَتِهِ سم قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَنَّ فَصْلَهُمَا إلَخْ) وَضَابِطُهُ أَنْ لَا يَجْمَعَ بَيْنَ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ بِغَرْفَةٍ وَفِيهِ ثَلَاثُ كَيْفِيَّاتٍ الْأُولَى الْأَصَحُّ الْآتِي فِي الْمَتْنِ وَالثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ مُقَابِلُهُ الْآتِي فِي الشَّرْحِ.
(قَوْلُهُ: مِنْ جَمْعِهِمَا) أَيْ الْآتِي.
(قَوْلُهُ: عَلَى هَذَا) أَيْ الْأَظْهَرِ وَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَهُ عَنْ الْأَصَحِّ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي ثُمَّ الْأَصَحُّ عَلَى هَذَا الْأَفْضَلُ أَنَّهُ يَتَمَضْمَضُ إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِغَرْفَةٍ) فِيهِ لُغَتَانِ الْفَتْحُ وَالضَّمُّ، فَإِنْ جُمِعَتْ عَلَى لُغَةِ الْفَتْحِ تَعَيَّنَ فَتْحُ الرَّاءِ، وَإِنْ جُمِعَتْ عَلَى لُغَةِ الضَّمِّ جَازَ سُكُونُ الرَّاءِ وَضَمُّهَا وَفَتْحُهَا فَتَلَخَّصَ فِي غَرَفَاتٍ أَرْبَعُ لُغَاتٍ إقْنَاعٌ.
(قَوْلُهُ: حَتَّى) إلَى قَوْلِهِ فَمَتَى فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ أَوْ مُتَفَرِّقَةً.
(قَوْلُهُ: وَمُقَابِلُهُ) أَيْ الْأَصَحِّ.
(قَوْلُهُ مُتَوَالِيَةٌ) أَيْ بِأَنْ يَتَمَضْمَضَ بِثَلَاثٍ مُتَوَالِيَةٍ ثُمَّ يَسْتَنْشِقَ كَذَلِكَ أَوْ مُتَفَرِّقَةٌ أَيْ بِأَنْ يَتَمَضْمَضَ بِوَاحِدَةٍ ثُمَّ يَسْتَنْشِقَ بِأُخْرَى وَكَذَا ثَانِيَةٌ وَثَالِثَةٌ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الثَّلَاثِ لِكُلٍّ مِنْ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ.
(قَوْلُهُ مُسْتَحَقٌّ) أَيْ شَرْطٌ فِي الِاعْتِدَادِ بِذَلِكَ كَتَرْتِيبِ الْأَرْكَانِ فِي صَلَاةِ النَّفْلِ وَالْوُضُوءِ الْمُجَدَّدِ وَقَوْلُهُ لَا مُسْتَحَبٌّ أَيْ كَتَقْدِيمِ الْيُمْنَى مِنْ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ فِي الْوُضُوءِ عَلَى الْيُسْرَى مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ نَحْوَ الْيَدَيْنِ عُضْوَانِ مُتَّفِقَانِ اسْمًا وَصُورَةً بِخِلَافِ الْفَمِ وَالْأَنْفِ فَوَجَبَ التَّرْتِيبُ بَيْنَهُمَا كَالْيَدِ وَالْوَجْهِ كُرْدِيٌّ عِبَارَةُ شَيْخِنَا وَضَابِطُ الْمُسْتَحَقِّ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيمُ شَرْطًا لِحُصُولِ السُّنَّةِ كَمَا فِي تَقْدِيمِ غَسْلِ الْكَفَّيْنِ عَلَى الْمَضْمَضَةِ فَإِنَّهُ إنْ قَدَّمَ الْمُؤَخَّرَ وَأَخَّرَ الْمُقَدَّمَ فَاتَ مَا أَخَّرَهُ فَلَا ثَوَابَ لَهُ وَلَوْ فَعَلَهُ وَضَابِطُ الْمُسْتَحَبِّ أَنْ لَا يَكُونَ التَّقْدِيمُ شَرْطًا لِذَلِكَ بَلْ يُسْتَحَبُّ فَقَطْ، فَإِنْ أَخَّرَ وَقَدَّمَ اُعْتُبِرَ بِمَا فَعَلَهُ كَمَا فِي تَقْدِيمِ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى. اهـ. وَقَوْلُهُ فَاتَ مَا أَخَّرَهُ إلَخْ هَذَا عَلَى مَا فِي الرَّوْضَةِ الَّذِي اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي وَالزِّيَادِيُّ.
وَأَمَّا عَلَى مَا فِي الْمَجْمُوعِ الَّذِي اعْتَمَدَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَالشَّارِحُ فَيَفُوتُ مَا قَدَّمَهُ إلَّا إذَا أَعَادَهُ.
(قَوْلُهُ: كَأَنْ اقْتَصَرَ إلَخْ) عِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ بَافَضْلٍ فَمَا تَقَدَّمَ عَنْ مَحَلِّهِ لَغْوٌ فَلَوْ أَتَى بِالِاسْتِنْشَاقِ مَعَ الْمَضْمَضَةِ أَوْ قَدَّمَهُ عَلَيْهَا أَوْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ لَمْ يُحْسَبْ وَلَوْ قَدَّمَهُمَا عَلَى غَسْلِ الْكَفَّيْنِ حُسِبَ دُونَهُمَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. اهـ. قَالَ الْكُرْدِيُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: فَمَا تَقَدَّمَ عَنْ مَحَلِّهِ لَغْوٌ هَذَا اعْتَمَدَهُ الشَّارِحِ فِي كُتُبِهِ تَبَعًا لِشَيْخِهِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ وَكَلَامُ الْمَجْمُوعِ يَقْتَضِيهِ وَقَالَ سم الْعَبَّادِيُّ فِي شَرْحِهِ عَلَى مُخْتَصَرِ أَبِي شُجَاعٍ، وَهُوَ الْقِيَاسُ وَفِي حَاشِيَتِهِ عَلَى شَرْحِ الْمَنْهَجِ اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الطَّبَلَاوِيُّ وَأَقَرَّ الْقَلْيُوبِيُّ.